قضية رقم 5 لسنة 1 قضائية المحكمة العليا "دستورية"
مبادئ الحكم: حظر التقاضى - دستور - دعوى دستورية - سلطة قضائية - قرار إدارى
نص الحكم
باسم الشعب
المحكمة العليا بالجلسة العلنية المنعقدة 4 من ديسمبر سنة 1971 م . برئاسة السيد المستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة وعمر حافظ شريف نائب رئيس المحكمة وحسين حسين قاسم وحسين زاكى وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة أعضاء
وحضور السيد المستشار عادل عزيز زخارى نائب رئيس المحكمة رئيس هيئة مفوضى الدولة
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 5 لسنة 1 قضائية عليا " دستورية " . ( أ ) دستور التشريعات السابقة على صدور الدستور المادة 166 من دستور 1964 والمادة 191 من دستور سنة 1971 كلاهما لا يعنى سوى مجرد استمرار القوانين والأوامر واللوائح السابقة على صدور الدستور دون تحصينها ضد الطعن بعدم الدستورية . ( ب) السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها للمحاكم ولاية الفصل فى المنازعات كاملة شاملة تفويض المشرع العادى فى هذا الخصوص يقتصر على تنظيم الهيئات القضائية وتوزيع الاختصاص بينها المساس بهذه الولاية أو الانتقاص منها مخالف للدستور . ( ج) الطعن بعدم الدستورية إلغاء النص المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم دستوريته أثر ذلك للمدعى مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن بعدم دستوريته أساس ذلك . ( د ) هيئة إدارية مجلس المراجعة المنصوص عليه فى القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 يعتبر هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى أساس ذلك وأثره . ( ه ) حظر التقاضى النص فى القانون على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء عدم دستورية هذا النص أوجه مخالفته للدستور . ( و ) قرارات إدارية حظر الطعن فيه أمام القضاء الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 نصها على أن القرارات الصادرة من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان التقدير غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة مخالفة لأحكام الدستور أساس ذلك . (1) إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ما نصت عليه المادة 166 من دستور سنة 1964 من أن " كل ما قررته القوانين والأوامر واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى نافذاً ... " وكذلك ما جاء بالمادة 191 من الدستور القائم من أن هذه التشريعات تبقى نافذة وصحيحة كلاهما لا يعنى سوى مجرد استمرار نفاذ تلك القوانين والأوامر واللوائح دون تطهيرها مما قد يشوبها من عيوب ودون تحصينها ضد الطعن بعدم دستوريتها شأنها فى ذلك شأن التشريعات التى تصدر فى ظل الدستور القائم فليس معقولاً أن تكون تلك التشريعات بمنأى عن الرقابة التى تخضع لها التشريعات التى تصدر فى ظل هذا الدستور ونظمه وأصوله المستحدثة مع أن رقابة دستوريتها أولى وأوجب ذلك أن نصوص الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، وإهدار ما يخالفها من التشريعات . (2) إن الدستور إذ ينص فى المادة 165 منه على أن : " السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ... " وإذ ينص فى المادة 167 على أن : " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها ... " . فإنه يعهد إلى المحاكم بولاية الفصل فى المنازعات كاملة شاملة كما يفوض المشرع العادى فى تحديد الهيئات القضائية وتوزيع الاختصاص بين جهات القضاء المختلفة لممارسة هذه الولاية دون مساس بها ، بحيث لا يتخذ من ذلك وسيلة لعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به ، ذلك أن المشرع الدستورى إنما يفوض المشرع العادى فى تنظيم الهيئات القضائية ، وتحديد اختصاص كل منها ، لا فى إهدار هذا الاختصاص أو الانتقاص منه ، وإلا كان مجاوزاً حدود التفويض مخالفاً للدستور . (3) إنه وإن كانت المادة 47 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد تضمنت إلغاء النص المطعون فيه ، غير أن هذا الإلغاء لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم دستوريته ، ذلك لأن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع القانونية التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها ، فإذا ألغيت قاعدة قانونية وحلت محلها قاعدة قانونية جديدة ، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين ، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل أى من القانونين القديم أو الجديد تخضع لحكمه ، فما نشأ منها وترتبت آثاره فى ظل القانون القديم يظل خاضعاً له ، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره فى ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده . وأنه بتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يبين أن قرار مجلس المراجعة المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإدارى قد صدر وترتبت آثاره بالنسبة إلى المدعين فى ظل القانون رقم 46 لسنة 1962 ، ومن ثم يكون المركز القانونى الذى ترتب على هذا القرار خاضعاً لذلك القانون . ولما كان القانون المشار إليه يقضى فى الفقرة السادسة من المادة الخامسة منه بأن القرار الصادر من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلم من قرار لجنة التقدير غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة وهى الفقرة المطعون بعدم دستوريتها ومن ثم تكون للمدعين مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن بعدم دستورية ذلك النص الذى يحول دون نظر دعواهم أمام محكمة القضاء الإدارى . (4) يبين من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 أن تشكيل مجلس المراجعة يغلب عليه العنصر الإدارى وأنه لا يتبع الإجراءات القضائية فى نظر التظلمات التى تعرض عليه ، ومن ثم يعتبر هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى وتكون قراراته ، قرارات إدارية تخضع للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ، وذلك طبقاً لنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 . يؤيد هذا النظر ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 52 لسنة 1969 من أن نهائية قرارات مجلس المراجعة لا تحول دون التجاء صاحب الحق إلى القضاء الإدارى للطعن على هذه القرارات بصفتها قرارات إدارية . (5) إن المادة 68 من الدستور القائم تنص على أن " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ... ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء " وظاهر من هذا النص أن المشرع الدستورى لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل ، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى ضد رقابة القضاء ، وقد خص المشرع الدستورى هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة ، وذلك تأكيداً للرقابة القضائية على القرارات الإدارية ، وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر الطعن . وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ، ورد العدوان عليها ، وأيضاً حين نصت على أن المواطنين لدى القانون سواء ، وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ( المادة 31 من دستور سنة 1956 والمادة 7 من دستور سنة 1958 والمادة 24 من دستور سنة 1964 ) وهو ما نص عليه الدستور القائم فى المادة 40 منه ، ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير جميعها المساواة بين المواطنين فيها ، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة فى حق من الحقوق ، ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق . (6) إن الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 إذ تقضى بأن القرارات الصادرة من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان التقدير غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة ، وهى قرارات إدارية فإنها تكون منطوية على مصادرة لحق ملاك ومستأجرى المبانى الخاضعة لأحكام ذلك القانون فى الطعن فى تلك القرارات ، أو التقاضى بشأنها ، فضلاً عن إهدارها لمبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق مما يخالف المادتين 40 و68 من الدستور القائم ، وكذلك الدساتير السابقة على النحو المتقدم بيانه ومن ثم يتعين القضاء بعدم دستورية شطرها المذكور . الوقائع أقام المدعون الدعوى رقم 545 لسنة 23 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة يطلبون الحكم بإلغاء قرار مجلس المراجعة بمحافظة القاهرة الدائرة العاشرة الصادر بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1968 بتحديد أجرة عقارهم رقم 38 بشارع يحيى إبراهيم بالزمالك ، وإعادة تقدير الأجرة طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 ودفعوا بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون المذكور فيما قضت به من منع الطعن فى قرار مجلس المراجعة أمام أية جهة وفى 31 من مارس سنة 1970 قضت محكمة القضاء الإدارى بوقف الفصل فى الدعوى حتى تقضى المحكمة العليا فى الدفع بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن ، وحددت للمدعين ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا . وفى 29 من يونيه سنة 1970 أقام المدعون هذه الدعوى وقيدت برقم 5 لسنة 1 ق عليا دستورية ، وطلبوا الحكم بعدم دستورية النص المانع من التقاضى الوارد بالفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام محافظة القاهرة المصروفات والأتعاب . وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 فيما نصت عليه من أن " يكون القرار الصادر من مجلس المراجعة غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة " . وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقدم الحاضر عن محافظة القاهرة ورئيس مجلس المراجعة بها مذكرة طلب فيها الحكم برفض الدعوى . وإلزام المدعين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . ونظرت الدعوى بالجلسات المنعقدة فى 3 يوليو سنة 1971 و2 من أكتوبر و6 من نوفمبر سنة 1971 . وفى هذه الجلسة أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم على النحو المبين بمحاضر الجلسات .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت الأوضاع الشكلية المقررة قانوناً .
ومن حيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 فيما تضمنته من منع الطعن فى قرارات مجلس المراجعة الصادرة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان تقدير القيمة الإيجارية للمبانى الخاضعة لذلك القانون . وذلك استناداً إلى مخالفة هذه الفقرة للدستور الذى نص على وجود السلطة القضائية واستقلالها ، ومن ثم فلا يجوز للسلطة التنفيذية أو التشريعية أن تحد من اختصاصها . ومن حيث أن الحكومة دفعت الدعوى استناداً إلى سببين . أولهما : أن المادة 166 من دستور سنة 1964 تقضى باستمرار نفاذ القوانين والقرارات واللوائح والأوامر السابقة على صدور هذا الدستور حتى تعدل أو تلغى وفقاً للقواعد والإجراءات التى تضمنها ، ولما كان القانون المطعون فيه صادراً قبل صدور الدستور فإنه يظل نافذاً والسبب الثانى : أن المشرع لم يفرض بالنص المطعون فيه أى قيد على السلطة التشريعية ذلك أن المادة 14 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 تنص على أن " تختص المحاكم بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص " وهو ما كانت تقضى به القوانين المتعاقبة فى شأن استقلال القضاء والسلطة القضائية . ويؤخذ من هذا النص أن اختصاص المحاكم بنظر النزاع مقيد بأن لا يكون ثمت نص يمنعها من ذلك ومن ثم فإن نص الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 إذ يقضى بأن قرار مجلس المراجعة غير قابل للطعن أمام أية جهة لا ينطوى على اعتداء على السلطة القضائية لأنه لم يخالف نص المادة 14 من قانون السلطة القضائية المتقدم ذكره . الذى أجاز الاستثناء من اختصاص المحاكم .
ومن حيث أن هذا الدفاع مردود فى شقيه : أولاً : بأن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ما نصت عليه المادة 166 من دستور سنة 1964 من أن " كل ما قررته القوانين والأوامر واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى نافذاً .... " وكذلك ما جاء بالمادة 191 من الدستور القائم من أن هذه التشريعات تبقى نافذة وصحيحة كلاهما لا يعنى سوى مجرد استمرار نفاذ تلك القوانين والأوامر واللوائح دون تطهيرها مما قد يشوبها من عيوب ودون تحصينها ضد الطعن بعدم دستوريتها شأنها فى ذلك شأن التشريعات التى تصدر فى ظل الدستور القائم فليس معقولاً أن تكون تلك التشريعات بمنأى عن الرقابة التى تخضع لها التشريعات التى تصدر فى ظل هذا الدستور ونظمه وأصوله المستحدثة مع أن رقابة دستوريتها أولى وأوجب ذلك أن نصوص الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، وإهدار ما يخالفها من التشريعات . ثانياً : بأن الدستور إذ ينص فى المادة 165 منه على أن : " السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ... " وإذ ينص فى المادة 167 على أن : " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها ... " فإنه يعهد إلى المحاكم بولاية الفصل فى المنازعات كاملة شاملة كما يفوض المشرع العادى فى تحديد الهيئات القضائية وتوزيع الاختصاص بين جهات القضاء المختلفة لممارسة هذه الولاية دون مساس بها ، بحيث لا يتخذ من ذلك وسيلة لعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به ، ذلك أن المشرع الدستورى إنما يفوض المشرع العادى فى تنظيم الهيئات القضائية ، وتحديد اختصاص كل منها ، لا فى إهدار هذا الاختصاص أو الانتقاص منه ، وإلا كان مجاوزاً حدود التفويض مخالفاً للدستور . ومن حيث أن المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن كانت تنص على أنه " يجوز للمالك أو المستأجر أن يتظلم من قرار لجنة التقدير أمام مجلس المراجعة المنصوص عليه فى المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه على أن يعدل تشكيله بحيث يكون برئاسة قاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة ، ويضم إلى عضوية المجلس إثنان من مهندسى الإدارات الهندسية بالمحافظة يصدر بتعيينهما قرار من المحافظ . ويجب تقديم التظلم إلى المجلس خلال ستين يوماً تسرى بالنسبة للمالك من تاريخ إخطاره بقرار اللجنة بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول ، وبالنسبة للمستأجر من تاريخ إخطاره على النحو السابق ، أو من تاريخ إبرام عقد الإيجار بالنسبة للمستأجر الأول . ويكون قرار المجلس غير قابل لأى طريق من طرق الطعن ، ولا يترتب على الطعن فى قرارات اللجان وقف تنفيذها . ولا يجوز لأى مستأجر آخر المنازعة فى أجرة الوحدة السكنية متى صار تحديدها نهائياً " . وقد عدلت هذه المادة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 على النحو الآتى : " يجوز لكل من المالك أو المستأجر أن يتظلم من قرار لجنة التقدير أمام مجلس المراجعة المنصوص عليه فى المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1954 .... على أن يعدل تشكيل هذا المجلس بحيث يكون برياسة قاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة ، ويضم إلى عضوية المجلس اثنان من المهندسين الموظفين بالحكومة أو بالمجالس المحلية يصدر باختيارهما قرار من المحافظ . ويشترط لصحة انعقاد المجلس حضور الرئيس وأربعة أعضاء على الأقل يكون من بينهم المهندسان المنضمان ، وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين ... ... ويجب تقديم التظلم إلى المجلس خلال ستين يوماً تسرى بالنسبة إلى المالك من تاريخ إخطاره بقرار اللجنة بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول ، وبالنسبة للمستأجر من تاريخ إخطاره على النحو السابق ... وتكون قرارات لجان التقدير نافذة رغم الطعن فيها . كما يكون القرار الصادر من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلم نهائياً ، وغير قابل للطعن فيه أمام أية جهة ، ولا يجوز لأى مستأجر آخر المنازعة فى الأجرة متى صار تحديدها نهائياً . " ثم صدر القانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن تحديد إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين ، ونص فى المادة 47 منه على أنه : " مع مراعاة حكم المادة 43 يلغى القانون رقم 121 لسنة 1947 ، والقانون رقم 46 لسنة 1962 ، والقانون رقم 7 لسنة 1965 ، والقوانين المعدلة لها ... وكل نص يخالف أحكام هذا القانون . " ونصت المادة 43 المشار إليها على أنه " يستمر العمل بالأحكام المحددة للأجرة ، والأحكام المقررة على مخالفتها بالقانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون رقم 169 لسنة 1961 ... والقانون رقم 46 لسنة 1962 ... والقانون رقم 7 لسنة 1965 ... والقوانين المعدلة لها ، وذلك بالنسبة إلى نطاق سريان كل منها . " كما نصت المادة 13 من القانون المذكور على أن " تكون قرارات لجان تحديد الأجرة نافذة رغم الطعن عليها . وتعتبر نهائية إذا لم يطعن عليها فى الميعاد . ويكون الطعن على هذه القرارات أمام المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها المكان المؤجر خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بقرار اللجنة ... " . ومن حيث إنه وإن كانت المادة 47 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد قد تضمنت إلغاء النص المطعون فيه ، غير أن هذا الإلغاء لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم دستوريته ، ذلك لأن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع القانونية التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها ، فإذا ألغيت قاعدة قانونية وحلت محلها قاعدة قانونية جديدة ، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين ، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل أى من القانونين القديم أو الجديد تخضع لحكمه ، فما نشأ منها وترتبت آثاره فى ظل القانون القديم يظل خاضعاً له ، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره فى ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده . وحيث إنه بتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يبين أن قرار مجلس المراجعة المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإدارى قد صدر وترتبت آثاره بالنسبة إلى المدعين فى ظل القانون رقم 46 لسنة 1962 ، ومن ثم يكون المركز القانونى الذى ترتب على هذا القرار خاضعاً لذلك القانون .
ومن حيث إن القانون المشار إليه يقضى فى الفقرة السادسة من المادة الخامسة منه بأن القرار الصادر من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلم من قرار لجنة التقدير غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة وهى الفقرة المطعون بعدم دستوريتها ومن ثم تكون للمدعين مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن بعدم دستورية ذلك النص الذى يحول دون نظر دعواهم أمام محكمة القضاء الإدارى . ومن حيث إنه يبين من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 أن تشكيل مجلس المراجعة يغلب عليه العنصر الإدارى وأنه لا يتبع الإجراءات القضائية فى نظر التظلمات التى تعرض عليه ، ومن ثم فإنه يعتبر هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى وتكون قراراته ، قرارات إدارية تخضع للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ، وذلك طبقاً لنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 . يؤيد هذا النظر ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 52 لسنة 1969 من أن نهائية قرارات مجلس المراجعة لا تحول دون التجاء صاحب الحق إلى القضاء الإدارى للطعن على هذه القرارات بصفتها قرارات إدارية . ومن حيث إن المادة 68 من الدستور القائم تنص على أن " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ... ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء " وظاهر من هذا النص أن المشرع الدستورى لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل ، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى ضد رقابة القضاء ، وقد خص المشرع الدستورى هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة ، وذلك توكيداً للرقابة القضائية على القرارات الإدارية ، وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر الطعن فى هذه القرارات . وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ، ورد العدوان عليها ، وأيضاً حين نصت على أن المواطنين لدى القانون سواء ، وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ( المادة 31 من دستور سنة 1956 والمادة 7 من دستور سنة 1958 والمادة 24 من دستور سنة 1964 ) وهو ما نص عليه الدستور القائم فى المادة 40 منه ، ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير جميعها المساواة بين المواطنين فيها ، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة فى حق من الحقوق ، ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق .
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم : إن الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 إذ تقضى بأن القرارات الصادرة من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان التقدير غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة ، وهى قرارات إدارية فإنها تكون منطوية على مصادرة لحق ملاك ومستأجرى المبانى الخاضعة لأحكام ذلك القانون فى الطعن فى تلك القرارات ، أو التقاضى بشأنها ، فضلاً عن إهدارها لمبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق مما يخالف المادتين 40 و68 من الدستور القائم ، وكذلك الدساتير السابقة على النحو المتقدم بيانه ومن ثم يتعين القضاء بعدم دستورية شطرها المذكور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن فى قرارات مجلس المراجعة الصادرة بالفصل فى التظلم من قرارات لجنة التقدير ، وألزمت محافظ القاهرة المصروفات ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة
مبادئ الحكم: حظر التقاضى - دستور - دعوى دستورية - سلطة قضائية - قرار إدارى
نص الحكم
باسم الشعب
المحكمة العليا بالجلسة العلنية المنعقدة 4 من ديسمبر سنة 1971 م . برئاسة السيد المستشار بدوى إبراهيم حمودة رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : محمد عبد الوهاب خليل نائب رئيس المحكمة وعمر حافظ شريف نائب رئيس المحكمة وحسين حسين قاسم وحسين زاكى وأحمد طوسون حسين ومحمد بهجت عتيبة أعضاء
وحضور السيد المستشار عادل عزيز زخارى نائب رئيس المحكمة رئيس هيئة مفوضى الدولة
وحضور السيد / سيد عبد البارى إبراهيم أمين السر
أصدرت الحكم الآتى فى القضية المقيدة بجدول المحكمة العليا برقم 5 لسنة 1 قضائية عليا " دستورية " . ( أ ) دستور التشريعات السابقة على صدور الدستور المادة 166 من دستور 1964 والمادة 191 من دستور سنة 1971 كلاهما لا يعنى سوى مجرد استمرار القوانين والأوامر واللوائح السابقة على صدور الدستور دون تحصينها ضد الطعن بعدم الدستورية . ( ب) السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها للمحاكم ولاية الفصل فى المنازعات كاملة شاملة تفويض المشرع العادى فى هذا الخصوص يقتصر على تنظيم الهيئات القضائية وتوزيع الاختصاص بينها المساس بهذه الولاية أو الانتقاص منها مخالف للدستور . ( ج) الطعن بعدم الدستورية إلغاء النص المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم دستوريته أثر ذلك للمدعى مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن بعدم دستوريته أساس ذلك . ( د ) هيئة إدارية مجلس المراجعة المنصوص عليه فى القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 يعتبر هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى أساس ذلك وأثره . ( ه ) حظر التقاضى النص فى القانون على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء عدم دستورية هذا النص أوجه مخالفته للدستور . ( و ) قرارات إدارية حظر الطعن فيه أمام القضاء الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 نصها على أن القرارات الصادرة من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان التقدير غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة مخالفة لأحكام الدستور أساس ذلك . (1) إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ما نصت عليه المادة 166 من دستور سنة 1964 من أن " كل ما قررته القوانين والأوامر واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى نافذاً ... " وكذلك ما جاء بالمادة 191 من الدستور القائم من أن هذه التشريعات تبقى نافذة وصحيحة كلاهما لا يعنى سوى مجرد استمرار نفاذ تلك القوانين والأوامر واللوائح دون تطهيرها مما قد يشوبها من عيوب ودون تحصينها ضد الطعن بعدم دستوريتها شأنها فى ذلك شأن التشريعات التى تصدر فى ظل الدستور القائم فليس معقولاً أن تكون تلك التشريعات بمنأى عن الرقابة التى تخضع لها التشريعات التى تصدر فى ظل هذا الدستور ونظمه وأصوله المستحدثة مع أن رقابة دستوريتها أولى وأوجب ذلك أن نصوص الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، وإهدار ما يخالفها من التشريعات . (2) إن الدستور إذ ينص فى المادة 165 منه على أن : " السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ... " وإذ ينص فى المادة 167 على أن : " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها ... " . فإنه يعهد إلى المحاكم بولاية الفصل فى المنازعات كاملة شاملة كما يفوض المشرع العادى فى تحديد الهيئات القضائية وتوزيع الاختصاص بين جهات القضاء المختلفة لممارسة هذه الولاية دون مساس بها ، بحيث لا يتخذ من ذلك وسيلة لعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به ، ذلك أن المشرع الدستورى إنما يفوض المشرع العادى فى تنظيم الهيئات القضائية ، وتحديد اختصاص كل منها ، لا فى إهدار هذا الاختصاص أو الانتقاص منه ، وإلا كان مجاوزاً حدود التفويض مخالفاً للدستور . (3) إنه وإن كانت المادة 47 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد تضمنت إلغاء النص المطعون فيه ، غير أن هذا الإلغاء لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم دستوريته ، ذلك لأن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع القانونية التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها ، فإذا ألغيت قاعدة قانونية وحلت محلها قاعدة قانونية جديدة ، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين ، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل أى من القانونين القديم أو الجديد تخضع لحكمه ، فما نشأ منها وترتبت آثاره فى ظل القانون القديم يظل خاضعاً له ، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره فى ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده . وأنه بتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يبين أن قرار مجلس المراجعة المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإدارى قد صدر وترتبت آثاره بالنسبة إلى المدعين فى ظل القانون رقم 46 لسنة 1962 ، ومن ثم يكون المركز القانونى الذى ترتب على هذا القرار خاضعاً لذلك القانون . ولما كان القانون المشار إليه يقضى فى الفقرة السادسة من المادة الخامسة منه بأن القرار الصادر من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلم من قرار لجنة التقدير غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة وهى الفقرة المطعون بعدم دستوريتها ومن ثم تكون للمدعين مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن بعدم دستورية ذلك النص الذى يحول دون نظر دعواهم أمام محكمة القضاء الإدارى . (4) يبين من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 أن تشكيل مجلس المراجعة يغلب عليه العنصر الإدارى وأنه لا يتبع الإجراءات القضائية فى نظر التظلمات التى تعرض عليه ، ومن ثم يعتبر هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى وتكون قراراته ، قرارات إدارية تخضع للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ، وذلك طبقاً لنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 . يؤيد هذا النظر ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 52 لسنة 1969 من أن نهائية قرارات مجلس المراجعة لا تحول دون التجاء صاحب الحق إلى القضاء الإدارى للطعن على هذه القرارات بصفتها قرارات إدارية . (5) إن المادة 68 من الدستور القائم تنص على أن " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ... ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء " وظاهر من هذا النص أن المشرع الدستورى لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل ، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى ضد رقابة القضاء ، وقد خص المشرع الدستورى هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة ، وذلك تأكيداً للرقابة القضائية على القرارات الإدارية ، وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر الطعن . وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ، ورد العدوان عليها ، وأيضاً حين نصت على أن المواطنين لدى القانون سواء ، وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ( المادة 31 من دستور سنة 1956 والمادة 7 من دستور سنة 1958 والمادة 24 من دستور سنة 1964 ) وهو ما نص عليه الدستور القائم فى المادة 40 منه ، ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير جميعها المساواة بين المواطنين فيها ، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة فى حق من الحقوق ، ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق . (6) إن الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 إذ تقضى بأن القرارات الصادرة من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان التقدير غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة ، وهى قرارات إدارية فإنها تكون منطوية على مصادرة لحق ملاك ومستأجرى المبانى الخاضعة لأحكام ذلك القانون فى الطعن فى تلك القرارات ، أو التقاضى بشأنها ، فضلاً عن إهدارها لمبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق مما يخالف المادتين 40 و68 من الدستور القائم ، وكذلك الدساتير السابقة على النحو المتقدم بيانه ومن ثم يتعين القضاء بعدم دستورية شطرها المذكور . الوقائع أقام المدعون الدعوى رقم 545 لسنة 23 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة يطلبون الحكم بإلغاء قرار مجلس المراجعة بمحافظة القاهرة الدائرة العاشرة الصادر بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1968 بتحديد أجرة عقارهم رقم 38 بشارع يحيى إبراهيم بالزمالك ، وإعادة تقدير الأجرة طبقاً للقانون رقم 46 لسنة 1962 ودفعوا بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون المذكور فيما قضت به من منع الطعن فى قرار مجلس المراجعة أمام أية جهة وفى 31 من مارس سنة 1970 قضت محكمة القضاء الإدارى بوقف الفصل فى الدعوى حتى تقضى المحكمة العليا فى الدفع بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن ، وحددت للمدعين ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا . وفى 29 من يونيه سنة 1970 أقام المدعون هذه الدعوى وقيدت برقم 5 لسنة 1 ق عليا دستورية ، وطلبوا الحكم بعدم دستورية النص المانع من التقاضى الوارد بالفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام محافظة القاهرة المصروفات والأتعاب . وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 فيما نصت عليه من أن " يكون القرار الصادر من مجلس المراجعة غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة " . وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقدم الحاضر عن محافظة القاهرة ورئيس مجلس المراجعة بها مذكرة طلب فيها الحكم برفض الدعوى . وإلزام المدعين المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . ونظرت الدعوى بالجلسات المنعقدة فى 3 يوليو سنة 1971 و2 من أكتوبر و6 من نوفمبر سنة 1971 . وفى هذه الجلسة أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم على النحو المبين بمحاضر الجلسات .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .
ومن حيث إن الدعوى قد استوفت الأوضاع الشكلية المقررة قانوناً .
ومن حيث إن المدعين يطلبون الحكم بعدم دستورية الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 فيما تضمنته من منع الطعن فى قرارات مجلس المراجعة الصادرة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان تقدير القيمة الإيجارية للمبانى الخاضعة لذلك القانون . وذلك استناداً إلى مخالفة هذه الفقرة للدستور الذى نص على وجود السلطة القضائية واستقلالها ، ومن ثم فلا يجوز للسلطة التنفيذية أو التشريعية أن تحد من اختصاصها . ومن حيث أن الحكومة دفعت الدعوى استناداً إلى سببين . أولهما : أن المادة 166 من دستور سنة 1964 تقضى باستمرار نفاذ القوانين والقرارات واللوائح والأوامر السابقة على صدور هذا الدستور حتى تعدل أو تلغى وفقاً للقواعد والإجراءات التى تضمنها ، ولما كان القانون المطعون فيه صادراً قبل صدور الدستور فإنه يظل نافذاً والسبب الثانى : أن المشرع لم يفرض بالنص المطعون فيه أى قيد على السلطة التشريعية ذلك أن المادة 14 من قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965 تنص على أن " تختص المحاكم بالفصل فى كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص " وهو ما كانت تقضى به القوانين المتعاقبة فى شأن استقلال القضاء والسلطة القضائية . ويؤخذ من هذا النص أن اختصاص المحاكم بنظر النزاع مقيد بأن لا يكون ثمت نص يمنعها من ذلك ومن ثم فإن نص الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 إذ يقضى بأن قرار مجلس المراجعة غير قابل للطعن أمام أية جهة لا ينطوى على اعتداء على السلطة القضائية لأنه لم يخالف نص المادة 14 من قانون السلطة القضائية المتقدم ذكره . الذى أجاز الاستثناء من اختصاص المحاكم .
ومن حيث أن هذا الدفاع مردود فى شقيه : أولاً : بأن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ما نصت عليه المادة 166 من دستور سنة 1964 من أن " كل ما قررته القوانين والأوامر واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الدستور يبقى نافذاً .... " وكذلك ما جاء بالمادة 191 من الدستور القائم من أن هذه التشريعات تبقى نافذة وصحيحة كلاهما لا يعنى سوى مجرد استمرار نفاذ تلك القوانين والأوامر واللوائح دون تطهيرها مما قد يشوبها من عيوب ودون تحصينها ضد الطعن بعدم دستوريتها شأنها فى ذلك شأن التشريعات التى تصدر فى ظل الدستور القائم فليس معقولاً أن تكون تلك التشريعات بمنأى عن الرقابة التى تخضع لها التشريعات التى تصدر فى ظل هذا الدستور ونظمه وأصوله المستحدثة مع أن رقابة دستوريتها أولى وأوجب ذلك أن نصوص الدستور تمثل القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها باعتبارها أسمى القواعد الآمرة ، وإهدار ما يخالفها من التشريعات . ثانياً : بأن الدستور إذ ينص فى المادة 165 منه على أن : " السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ... " وإذ ينص فى المادة 167 على أن : " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها ... " فإنه يعهد إلى المحاكم بولاية الفصل فى المنازعات كاملة شاملة كما يفوض المشرع العادى فى تحديد الهيئات القضائية وتوزيع الاختصاص بين جهات القضاء المختلفة لممارسة هذه الولاية دون مساس بها ، بحيث لا يتخذ من ذلك وسيلة لعزل المحاكم عن نظر منازعات معينة مما تختص به ، ذلك أن المشرع الدستورى إنما يفوض المشرع العادى فى تنظيم الهيئات القضائية ، وتحديد اختصاص كل منها ، لا فى إهدار هذا الاختصاص أو الانتقاص منه ، وإلا كان مجاوزاً حدود التفويض مخالفاً للدستور . ومن حيث أن المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن كانت تنص على أنه " يجوز للمالك أو المستأجر أن يتظلم من قرار لجنة التقدير أمام مجلس المراجعة المنصوص عليه فى المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1954 المشار إليه على أن يعدل تشكيله بحيث يكون برئاسة قاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة ، ويضم إلى عضوية المجلس إثنان من مهندسى الإدارات الهندسية بالمحافظة يصدر بتعيينهما قرار من المحافظ . ويجب تقديم التظلم إلى المجلس خلال ستين يوماً تسرى بالنسبة للمالك من تاريخ إخطاره بقرار اللجنة بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول ، وبالنسبة للمستأجر من تاريخ إخطاره على النحو السابق ، أو من تاريخ إبرام عقد الإيجار بالنسبة للمستأجر الأول . ويكون قرار المجلس غير قابل لأى طريق من طرق الطعن ، ولا يترتب على الطعن فى قرارات اللجان وقف تنفيذها . ولا يجوز لأى مستأجر آخر المنازعة فى أجرة الوحدة السكنية متى صار تحديدها نهائياً " . وقد عدلت هذه المادة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 على النحو الآتى : " يجوز لكل من المالك أو المستأجر أن يتظلم من قرار لجنة التقدير أمام مجلس المراجعة المنصوص عليه فى المادة 16 من القانون رقم 56 لسنة 1954 .... على أن يعدل تشكيل هذا المجلس بحيث يكون برياسة قاض يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة ، ويضم إلى عضوية المجلس اثنان من المهندسين الموظفين بالحكومة أو بالمجالس المحلية يصدر باختيارهما قرار من المحافظ . ويشترط لصحة انعقاد المجلس حضور الرئيس وأربعة أعضاء على الأقل يكون من بينهم المهندسان المنضمان ، وتصدر قراراته بأغلبية أصوات الحاضرين ... ... ويجب تقديم التظلم إلى المجلس خلال ستين يوماً تسرى بالنسبة إلى المالك من تاريخ إخطاره بقرار اللجنة بكتاب مسجل مصحوب بعلم وصول ، وبالنسبة للمستأجر من تاريخ إخطاره على النحو السابق ... وتكون قرارات لجان التقدير نافذة رغم الطعن فيها . كما يكون القرار الصادر من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلم نهائياً ، وغير قابل للطعن فيه أمام أية جهة ، ولا يجوز لأى مستأجر آخر المنازعة فى الأجرة متى صار تحديدها نهائياً . " ثم صدر القانون رقم 52 لسنة 1969 فى شأن تحديد إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين ، ونص فى المادة 47 منه على أنه : " مع مراعاة حكم المادة 43 يلغى القانون رقم 121 لسنة 1947 ، والقانون رقم 46 لسنة 1962 ، والقانون رقم 7 لسنة 1965 ، والقوانين المعدلة لها ... وكل نص يخالف أحكام هذا القانون . " ونصت المادة 43 المشار إليها على أنه " يستمر العمل بالأحكام المحددة للأجرة ، والأحكام المقررة على مخالفتها بالقانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون رقم 169 لسنة 1961 ... والقانون رقم 46 لسنة 1962 ... والقانون رقم 7 لسنة 1965 ... والقوانين المعدلة لها ، وذلك بالنسبة إلى نطاق سريان كل منها . " كما نصت المادة 13 من القانون المذكور على أن " تكون قرارات لجان تحديد الأجرة نافذة رغم الطعن عليها . وتعتبر نهائية إذا لم يطعن عليها فى الميعاد . ويكون الطعن على هذه القرارات أمام المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرتها المكان المؤجر خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإخطار بقرار اللجنة ... " . ومن حيث إنه وإن كانت المادة 47 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قد قد تضمنت إلغاء النص المطعون فيه ، غير أن هذا الإلغاء لا يحول دون النظر والفصل فى الطعن بعدم دستوريته ، ذلك لأن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع القانونية التى تتم فى ظلها أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها ، فإذا ألغيت قاعدة قانونية وحلت محلها قاعدة قانونية جديدة ، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين القانونيتين ، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل أى من القانونين القديم أو الجديد تخضع لحكمه ، فما نشأ منها وترتبت آثاره فى ظل القانون القديم يظل خاضعاً له ، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره فى ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده . وحيث إنه بتطبيق هذه القواعد على واقعة الدعوى يبين أن قرار مجلس المراجعة المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإدارى قد صدر وترتبت آثاره بالنسبة إلى المدعين فى ظل القانون رقم 46 لسنة 1962 ، ومن ثم يكون المركز القانونى الذى ترتب على هذا القرار خاضعاً لذلك القانون .
ومن حيث إن القانون المشار إليه يقضى فى الفقرة السادسة من المادة الخامسة منه بأن القرار الصادر من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلم من قرار لجنة التقدير غير قابل للطعن فيه أمام أية جهة وهى الفقرة المطعون بعدم دستوريتها ومن ثم تكون للمدعين مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن بعدم دستورية ذلك النص الذى يحول دون نظر دعواهم أمام محكمة القضاء الإدارى . ومن حيث إنه يبين من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدل بالقانون رقم 133 لسنة 1963 أن تشكيل مجلس المراجعة يغلب عليه العنصر الإدارى وأنه لا يتبع الإجراءات القضائية فى نظر التظلمات التى تعرض عليه ، ومن ثم فإنه يعتبر هيئة إدارية ذات اختصاص قضائى وتكون قراراته ، قرارات إدارية تخضع للطعن بالإلغاء أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى ، وذلك طبقاً لنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 55 لسنة 1959 . يؤيد هذا النظر ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 52 لسنة 1969 من أن نهائية قرارات مجلس المراجعة لا تحول دون التجاء صاحب الحق إلى القضاء الإدارى للطعن على هذه القرارات بصفتها قرارات إدارية . ومن حيث إن المادة 68 من الدستور القائم تنص على أن " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ... ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء " وظاهر من هذا النص أن المشرع الدستورى لم يقف عند حد تقرير حق التقاضى للناس كافة كمبدأ دستورى أصيل ، بل جاوز ذلك إلى تقرير مبدأ حظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى ضد رقابة القضاء ، وقد خص المشرع الدستورى هذا المبدأ بالذكر رغم أنه يدخل فى عموم المبدأ الأول الذى يقرر حق التقاضى للناس كافة ، وذلك توكيداً للرقابة القضائية على القرارات الإدارية ، وحسماً لما ثار من خلاف فى شأن عدم دستورية التشريعات التى تحظر الطعن فى هذه القرارات . وقد ردد النص المشار إليه ما أقرته الدساتير السابقة ضمناً من كفالة حق التقاضى للأفراد وذلك حين خولتهم حقوقاً لا تقوم ولا تؤتى ثمارها إلا بقيام هذا الحق باعتباره الوسيلة التى تكفل حمايتها والتمتع بها ، ورد العدوان عليها ، وأيضاً حين نصت على أن المواطنين لدى القانون سواء ، وأنهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ( المادة 31 من دستور سنة 1956 والمادة 7 من دستور سنة 1958 والمادة 24 من دستور سنة 1964 ) وهو ما نص عليه الدستور القائم فى المادة 40 منه ، ولما كان حق التقاضى من الحقوق العامة التى كفلت الدساتير جميعها المساواة بين المواطنين فيها ، فإن حرمان طائفة معينة من هذا الحق مع تحقق مناطه وهو قيام المنازعة فى حق من الحقوق ، ينطوى على إهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من المواطنين الذين لم يحرموا من هذا الحق .
ومن حيث أنه يخلص مما تقدم : إن الفقرة السادسة من المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 إذ تقضى بأن القرارات الصادرة من مجلس المراجعة بالفصل فى التظلمات من قرارات لجان التقدير غير قابلة للطعن فيها أمام أية جهة ، وهى قرارات إدارية فإنها تكون منطوية على مصادرة لحق ملاك ومستأجرى المبانى الخاضعة لأحكام ذلك القانون فى الطعن فى تلك القرارات ، أو التقاضى بشأنها ، فضلاً عن إهدارها لمبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق مما يخالف المادتين 40 و68 من الدستور القائم ، وكذلك الدساتير السابقة على النحو المتقدم بيانه ومن ثم يتعين القضاء بعدم دستورية شطرها المذكور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن المعدلة بالقانون رقم 133 لسنة 1963 فيما نصت عليه من عدم جواز الطعن فى قرارات مجلس المراجعة الصادرة بالفصل فى التظلم من قرارات لجنة التقدير ، وألزمت محافظ القاهرة المصروفات ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة