ولادة الإنسان
جاء القرآن على ذكر الكثير من الموضوعات المتنوعة في إطار دعوة الناس للإيمان فذكرت السماوات أحيانا والنباتات أحيانا أخرى والحيوانات في بعض الأحيان للدلالة على وجود الله سبحانه وتعالى. كما دعت الكثير من الآيات الناس إلى التفكر في خلقهم فجاءت على ذكر خلق الإنسان والمراحل التي مر بها وماهية جوهره :
{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوَلاَ تُصَدِّقُونَ. أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ ءَأنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الخَالِقَونَ } الواقعة:57-59
إن الوجوه الإعجازية في خلق الإنسان مذكورة في هذه الآية وكثير غيرها من الآيات. وقد ذكر في الآيات بعض المعلومات التفصيلية التي يستحيل أن يعرفها إنسان عاش في القرن السابع الميلادي. ومن هذه المعلومات:
- إن الإنسان لم يخلق من المني بشكل كامل بل من جزء معين من السائل المنوي.
- إن الجنين يلتصق برحم الأم مثلما تلتصق العلقة بالجسم.
- إن الجنين يتكون في ثلاث مناطق مظلمة في الرحم.
إن الناس الذين عاشوا حين كان القرآن ينزل عرفوا بالتأكيد أن المادة الأساسية للخلق لها علاقة بالسائل المنوي الذي يخرج من الذكر خلال العملية الجنسية. وكون الطفل يولد بعد تسعة اشهر كان واضحا لا يحتاج إلى بحث ولكن نوعية المعلومات التي تذكرها الآيات أعلى مستوى مما كان معلوماً لدى الناس في ذلك الوقت، وهي معلومات لم يكتشفها العلم إلا في القرن العشرين.
ولنمر على هذه المعلومات واحدة تلو الأخرى:
قطرة من السائل المنوي
خلال العملية الجنسية يقذف الرجل 250 مليون نطفة في نفس الوقت. تسافر النطف في رحلة شاقة في جسم الأم ولا تنجح خلالها إلا ألف نطفة من اصل 250 مليون في الوصول إلى البويضة. وفي نهاية السباق الذي يمتد لخمسة دقائق تسمح البويضة التي تكون بحجم نصف ذرة من ذرات الملح لخلية منوية واحدة فقط بتلقيحها، وهذا هو جوهر الإنسان ليس السائل المنوي كله بل قسم صغير منه فقط وهذا ما يشرحه القرآن في قوله تعالى:
{ أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِن مَّنِيٍ يُمْنَى } القيامة: 36-37
وكما نرى فإن القرآن يعلمنا أن الإنسان لا يتكون من كل السائل المنوي بل من قسم صغير منه وهذا التحديد الذي تتضمنه العبارة يعلن حقيقة علمية لم تكتشف إلا بواسطة العلم الحديث مما يشكل دليلا على أنها عبارة من أصل إلهي مقدس.
الخليط المنوي
السائل المسمى بالمني الذي يحتوي على النطف لا يتألف من النطف وحدها بل يتكون من مزيج من السوائل. هذه السوائل لها وظائف مختلفة فهي مثلا تحتوي على السكر الضروري لتامين الطاقة للنطف ولتحييد الأحماض عند مدخل الرحم ولخلق بيئة انزلاقية تسهل حركة النطف.
ومن المثير للاهتمام أن هذه المعلومات التي اكتشفها العلم الحديث يشير إليها القرآن الكريم حيث يعرف الخليط المنوي بما يلي
{ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } الإنسان: 2
وفي آية أخرى أيضا يشار إلى المني على أنه خليط ويشدد على أن الإنسان خلق من مستخلصات هذا الخليط
{الذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلاَلَةٍ مِن مَّآءٍ مَهِينٍ } السجدة: 7-8
وكلمة سلالة تعني مستخلصا أو خلاصة أو أفضل قسم من الشيء.
وفي كل معنى من معانيها تشير إلى جزء من كل، وهذا يدل على أن القرآن صادر من الإرادة الكلية التي خلقت الإنسان والتي تعلم أدق تفاصيل هذا الخلق. هذه الإرادة الكلية هي إرادة الله تعالى خالق الإنسان.
جنس المولود
حتى زمن قريب كان الاعتقاد السائد أن جنس المولود تحدده خلايا الأم أو على الأقل تحدده خلايا الأم والأب مجتمعة. ولكن القرآن أعطانا معلومات مختلفة عن هذا الموضوع حيث ذكر أن الذكورة والأنوثة تخلق من نطفة إذا تمنى
{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى } النجم: 45-46
إن التطورات الحاصلة في علم الجينات والبيولوجيا أثبتت دقة المعلومات التي أعطاها القران الكريم وقد فهم آلان أن جنس المولود تحدده نطف مني الرجل وان المرأة لا دور لها في هذه العملية.
الكروموزومات هي العنصر الرئيسي في تحديد جنس المولود اثنان من 46 كروموزماً تسمى كرموزومات الجنس مسؤولة عن تحديد بنية الإنسان وهذه الكروموزومات هي x و y في الذكور و xx في الإناث، حيث يشبه شكل الكروموزومات هذه الأحرف.
يحمل كروموزوم y الشفرة الجينية المتعلقة بالذكورة فيما يحمل كروموزوم x الشفرة الجينية المتعلقة بالأنوثة.
إن تكون الإنسان يبدأ بتقاطع واحدة من هذه الكروموزومات التي توجد في الذكر وفيالأنثى على شكل أزواج. وكل مكونات الخلية الجنسية للأنثى التي تنقسم خلال الإباضة أي بعد خروج البويضة من المبيض تحمل كروموزوم اكس من ناحية أخرى الخلية الجنسية للرجل تنتج نوعين مختلفين من النطف أحدهما يحتوي على كروموزوم ‘’اكس x’’ والثاني يحتوي على كروموزوم ‘’واي y ‘’. إذا اتحد كروموزوم اكس من المرأة مع نطفة تحتوي على كروموزوم اكس من الرجل يكون المولود أنثى وإذا كانت النطفة تحتوي على كروموزوم واي يكون المولود ذكرا.
وبكلمات أخرى إن جنس المولود تحدده كرموزومات الذكر التي تتحد مع بويضة المرأة.
ولم يعرف أي من هذه المعلومات قبل أن يكتشف علم الجينات في القرن العشرين وبالفعل فإن الكثير من الحضارات كانت تعتقد أن جنس المولود يحدده جسم الأنثى ولهذا كانت المرأة ملامة إذا أنجبت أنثى.
في حين أن القرآن الكريم كشف معلومات تنفي هذه الخرافات قبل ثلاثة عشر قرنا من اكتشاف جينات الإنسان وأشار إلى أن أصل جنس المولود لا يعود إلى المرأة بل إلى المني الذي يأتي من الرجل.
التي تتشبث بالرحم
إذا استمرينا في تفحص الحقائق التي يعلنها القرآن الكريم لنا حول تكوين الإنسان نصادف مرة أخرى معجزات علمية مهمة جدا.
عندما تتحد نطفة الرجل ببويضة المرأة فإن جوهر المولود المنتظر يتكون. الخلية الوحيدة التي تسمى ‘’ اللاقحة Zygote’’ في مصطلحات البيولوجيا سوف تبدأ فوراً بالتوالد من خلال الانقسام وفي النهاية تصبح قطعة لحم تسمى الجنين’’ embryo’’ وهذا بالطبع لا يمكن أن يراه الناس إلا بمساعدة الميكروسكوبات.
ولكن الجنين لا يقضي فترة تطوره في الفراغ، وإنما يتعلق في الرحم تماما كما تتشبث الجذور في التربة بواسطة محالقها (الأجزاء المتعرشة من الجذور). ومن خلال هذا الارتباط يمكن للجنين أن يحصل على المواد الضرورية لنموه من جسم والدته.16
وهذه النقطة بالذات تكشف معجزة قرآنية فريدة، فعند وصف تطور الجنين في رحم الأم يستخدم الله سبحانه وتعالى لفظ (علق) إذ يقول تعالى:
{اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ } العلق: 1-3
والعلق في اللغة هو الشيء الذي يلتصق في مكان ما والكلمة بحرفيتها تستعمل أيضا لوصف العلق الذي يلتصق بالجسم ليمتص الدم.
وطبعاً فإن استخدام الكلمة المناسبة لوصف تطور الجنين في رحم الأم تثبت مرة أخرى أن القرآن وحي من الله سبحانه وتعالى وأنه كلام الله.
العضلات التي تلتف حول العظام
هناك وجه آخر مهم من أوجه المعلومات يذكره القرآن الكريم حول مراحل تكون الإنسان في رحم الأم يتجلى فيما ذكرته الآيات حول تكون العظام أولا تليها بعد ذلك العضلات
{ثمُ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأنَاهْ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ } المؤمنون:14
ظل المختصون في علم الأجنة وهو العلم الذي يدرس تطور الجنين في رحم الأم حتى فترة قريبة يفترضون أن العظام والعضلات تتكون في وقت واحد ولهذا السبب ولفترة طويلة من الزمن ادعى الناس أن هذه الآية تتعارض مع الحقائق العلمية ولكن الأبحاث الميكروسكوبية المتطورة التي أمكن إجراؤها بفضل التطور التقني كشفت أن الوحي القرآني صحيح تماماً.
هذه الأبحاث الميكروسكوبية أثبتت أن تطور الجنين داخل رحم الأم يتم كما وصفته آيات القرآن، فأولاً تتكون الأنسجة الغضروفية التي تتحول إلى عظام الجنين، ثم تكون بعدها خلايا العضلات التي تختار من بين الأنسجة التي تحيط بالعظام ثم تتجمع مع بعضها وتتكون لتلتف حول العظام.
والموضوع كله تشرحه نشرة علمية تحت عنوان تكون الإنسان كما يلي:
‘’خلال الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي بالانتشار في الجسم وتأخذ العظام شكلها المألوف، وفي نهاية الأسبوع السابع وخلال الأسبوع الثامن تأخذ العضلات وضعيتها حول أشكال العظام.’’ .17
وباختصار فإن وصف القرآن الكريم لمراحل تكون الجنين ينسجم انسجاماً كاملاً مع مكتشفات علم الأجنة الحديث.
المراحل الثلاثة لتكون الجنين في بطن الأم
لقد أشار القرآن إلى أن خلق الإنسان في الرحم يتم على ثلاث مراحل
{يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } الزمر:6
وكما يرى فإن الآية تشير إلى أن الإنسان يتكون في رحم أمه من خلال ثلاث مراحل محددة. وبالفعل فقد كشف علم البيولوجيا الحديث أن مراحل تطور الجنين تتم في ثلاث مناطق محددة من رحم الأم. حيث نجد في كل كتب علم الأجنة التي تدرّس في اختصاصات الطب أن هذه المعلومات من أساسيات المعرفة في هذا المضمار. فعلى سبيل المثال في كتاب ‘’أساسيات علم الأجنة البشرية’’ وهو مرجع أساسي في هذا الحقل نقرأ ما يلي :
أن الحياة في الرحم تكون على ثلاث مراحل المرحلة الأولى وهي مرحلة ما قبل الجينية المرحلة الجنينية وتكون في الأسبوعين والنصف الأولى، ثم تليها مرحلة الحميل وتستمر حتى نهاية الأسبوع الثامن، ثم تأتي بعدها مرحلة الجنين التي تمتد من الأسبوع الثامن وحتى الولادة .18
المرحلة ما قبل الجنينية
في هذه المرحلة تكبر البويضة الملقحة عبر الانقسام، وعندما تصبح مجموعة من الخلايا تدفن نفسها في جدار الرحم حيث تستمر الخلايا في النمو وتنظم نفسها في ثلاث طبقات:
المرحلة الجنينية غير الناضجة ‘’ مرحلة الحمل.
المرحلة الثانية تستمر خمسة أسابيع ونصف وخلال هذه المرحلة التي يسمى فيها الطفل حميلاً تبدأ الأعضاء والأجهزة الأساسية بالظهور على شكل طبقات من الخلايا.
مرحلة الجنين
المرحلة الثالثة، هذه المرحلة تبدأ في الأسبوع الثامن من الحمل وتستمر حتى لحظة الولادة، ومن خصائصها المحددة أن الجنين يبدو وكأنه إنسان له وجه ويدان ورغم أنه لا يتعدى طوله ثلاثة سنتمترات وفيها تتميز كل أعضائه وتستمر هذه المرحلة حوالي الثلاثين أسبوعا حيث يستمر نمو الجنين حتى موعد الولادة.
هذه المعلومات حول تطور الجنين في رحم أمه لم تكن لتتوفر لولا وجود تقنيات المراقبة الحديثة. ومع ذلك فان القرآن كشف عنها بطريقة إعجازية في آياته تماما كما كشف عن حقائق علمية أخرى. وكون القرآن الكريم قد أعطى هذه المعلومات الدقيقة والمفصلة في وقت كانت المعلومات الطبية بين أيدي الناس نادرة دليل واضح على أن القرآن الكريم ليس كلام بشر بل هو كلام الله سبحانه وتعالى.
جاء القرآن على ذكر الكثير من الموضوعات المتنوعة في إطار دعوة الناس للإيمان فذكرت السماوات أحيانا والنباتات أحيانا أخرى والحيوانات في بعض الأحيان للدلالة على وجود الله سبحانه وتعالى. كما دعت الكثير من الآيات الناس إلى التفكر في خلقهم فجاءت على ذكر خلق الإنسان والمراحل التي مر بها وماهية جوهره :
{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوَلاَ تُصَدِّقُونَ. أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ ءَأنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الخَالِقَونَ } الواقعة:57-59
إن الوجوه الإعجازية في خلق الإنسان مذكورة في هذه الآية وكثير غيرها من الآيات. وقد ذكر في الآيات بعض المعلومات التفصيلية التي يستحيل أن يعرفها إنسان عاش في القرن السابع الميلادي. ومن هذه المعلومات:
- إن الإنسان لم يخلق من المني بشكل كامل بل من جزء معين من السائل المنوي.
- إن الجنين يلتصق برحم الأم مثلما تلتصق العلقة بالجسم.
- إن الجنين يتكون في ثلاث مناطق مظلمة في الرحم.
إن الناس الذين عاشوا حين كان القرآن ينزل عرفوا بالتأكيد أن المادة الأساسية للخلق لها علاقة بالسائل المنوي الذي يخرج من الذكر خلال العملية الجنسية. وكون الطفل يولد بعد تسعة اشهر كان واضحا لا يحتاج إلى بحث ولكن نوعية المعلومات التي تذكرها الآيات أعلى مستوى مما كان معلوماً لدى الناس في ذلك الوقت، وهي معلومات لم يكتشفها العلم إلا في القرن العشرين.
ولنمر على هذه المعلومات واحدة تلو الأخرى:
قطرة من السائل المنوي
خلال العملية الجنسية يقذف الرجل 250 مليون نطفة في نفس الوقت. تسافر النطف في رحلة شاقة في جسم الأم ولا تنجح خلالها إلا ألف نطفة من اصل 250 مليون في الوصول إلى البويضة. وفي نهاية السباق الذي يمتد لخمسة دقائق تسمح البويضة التي تكون بحجم نصف ذرة من ذرات الملح لخلية منوية واحدة فقط بتلقيحها، وهذا هو جوهر الإنسان ليس السائل المنوي كله بل قسم صغير منه فقط وهذا ما يشرحه القرآن في قوله تعالى:
{ أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِن مَّنِيٍ يُمْنَى } القيامة: 36-37
وكما نرى فإن القرآن يعلمنا أن الإنسان لا يتكون من كل السائل المنوي بل من قسم صغير منه وهذا التحديد الذي تتضمنه العبارة يعلن حقيقة علمية لم تكتشف إلا بواسطة العلم الحديث مما يشكل دليلا على أنها عبارة من أصل إلهي مقدس.
الخليط المنوي
السائل المسمى بالمني الذي يحتوي على النطف لا يتألف من النطف وحدها بل يتكون من مزيج من السوائل. هذه السوائل لها وظائف مختلفة فهي مثلا تحتوي على السكر الضروري لتامين الطاقة للنطف ولتحييد الأحماض عند مدخل الرحم ولخلق بيئة انزلاقية تسهل حركة النطف.
ومن المثير للاهتمام أن هذه المعلومات التي اكتشفها العلم الحديث يشير إليها القرآن الكريم حيث يعرف الخليط المنوي بما يلي
{ إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } الإنسان: 2
وفي آية أخرى أيضا يشار إلى المني على أنه خليط ويشدد على أن الإنسان خلق من مستخلصات هذا الخليط
{الذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلاَلَةٍ مِن مَّآءٍ مَهِينٍ } السجدة: 7-8
وكلمة سلالة تعني مستخلصا أو خلاصة أو أفضل قسم من الشيء.
وفي كل معنى من معانيها تشير إلى جزء من كل، وهذا يدل على أن القرآن صادر من الإرادة الكلية التي خلقت الإنسان والتي تعلم أدق تفاصيل هذا الخلق. هذه الإرادة الكلية هي إرادة الله تعالى خالق الإنسان.
جنس المولود
حتى زمن قريب كان الاعتقاد السائد أن جنس المولود تحدده خلايا الأم أو على الأقل تحدده خلايا الأم والأب مجتمعة. ولكن القرآن أعطانا معلومات مختلفة عن هذا الموضوع حيث ذكر أن الذكورة والأنوثة تخلق من نطفة إذا تمنى
{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى } النجم: 45-46
إن التطورات الحاصلة في علم الجينات والبيولوجيا أثبتت دقة المعلومات التي أعطاها القران الكريم وقد فهم آلان أن جنس المولود تحدده نطف مني الرجل وان المرأة لا دور لها في هذه العملية.
الكروموزومات هي العنصر الرئيسي في تحديد جنس المولود اثنان من 46 كروموزماً تسمى كرموزومات الجنس مسؤولة عن تحديد بنية الإنسان وهذه الكروموزومات هي x و y في الذكور و xx في الإناث، حيث يشبه شكل الكروموزومات هذه الأحرف.
يحمل كروموزوم y الشفرة الجينية المتعلقة بالذكورة فيما يحمل كروموزوم x الشفرة الجينية المتعلقة بالأنوثة.
إن تكون الإنسان يبدأ بتقاطع واحدة من هذه الكروموزومات التي توجد في الذكر وفيالأنثى على شكل أزواج. وكل مكونات الخلية الجنسية للأنثى التي تنقسم خلال الإباضة أي بعد خروج البويضة من المبيض تحمل كروموزوم اكس من ناحية أخرى الخلية الجنسية للرجل تنتج نوعين مختلفين من النطف أحدهما يحتوي على كروموزوم ‘’اكس x’’ والثاني يحتوي على كروموزوم ‘’واي y ‘’. إذا اتحد كروموزوم اكس من المرأة مع نطفة تحتوي على كروموزوم اكس من الرجل يكون المولود أنثى وإذا كانت النطفة تحتوي على كروموزوم واي يكون المولود ذكرا.
وبكلمات أخرى إن جنس المولود تحدده كرموزومات الذكر التي تتحد مع بويضة المرأة.
ولم يعرف أي من هذه المعلومات قبل أن يكتشف علم الجينات في القرن العشرين وبالفعل فإن الكثير من الحضارات كانت تعتقد أن جنس المولود يحدده جسم الأنثى ولهذا كانت المرأة ملامة إذا أنجبت أنثى.
في حين أن القرآن الكريم كشف معلومات تنفي هذه الخرافات قبل ثلاثة عشر قرنا من اكتشاف جينات الإنسان وأشار إلى أن أصل جنس المولود لا يعود إلى المرأة بل إلى المني الذي يأتي من الرجل.
التي تتشبث بالرحم
إذا استمرينا في تفحص الحقائق التي يعلنها القرآن الكريم لنا حول تكوين الإنسان نصادف مرة أخرى معجزات علمية مهمة جدا.
عندما تتحد نطفة الرجل ببويضة المرأة فإن جوهر المولود المنتظر يتكون. الخلية الوحيدة التي تسمى ‘’ اللاقحة Zygote’’ في مصطلحات البيولوجيا سوف تبدأ فوراً بالتوالد من خلال الانقسام وفي النهاية تصبح قطعة لحم تسمى الجنين’’ embryo’’ وهذا بالطبع لا يمكن أن يراه الناس إلا بمساعدة الميكروسكوبات.
ولكن الجنين لا يقضي فترة تطوره في الفراغ، وإنما يتعلق في الرحم تماما كما تتشبث الجذور في التربة بواسطة محالقها (الأجزاء المتعرشة من الجذور). ومن خلال هذا الارتباط يمكن للجنين أن يحصل على المواد الضرورية لنموه من جسم والدته.16
وهذه النقطة بالذات تكشف معجزة قرآنية فريدة، فعند وصف تطور الجنين في رحم الأم يستخدم الله سبحانه وتعالى لفظ (علق) إذ يقول تعالى:
{اقْرَأ بِاسْمِ رَبِّكَ الذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ } العلق: 1-3
والعلق في اللغة هو الشيء الذي يلتصق في مكان ما والكلمة بحرفيتها تستعمل أيضا لوصف العلق الذي يلتصق بالجسم ليمتص الدم.
وطبعاً فإن استخدام الكلمة المناسبة لوصف تطور الجنين في رحم الأم تثبت مرة أخرى أن القرآن وحي من الله سبحانه وتعالى وأنه كلام الله.
العضلات التي تلتف حول العظام
هناك وجه آخر مهم من أوجه المعلومات يذكره القرآن الكريم حول مراحل تكون الإنسان في رحم الأم يتجلى فيما ذكرته الآيات حول تكون العظام أولا تليها بعد ذلك العضلات
{ثمُ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأنَاهْ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ } المؤمنون:14
ظل المختصون في علم الأجنة وهو العلم الذي يدرس تطور الجنين في رحم الأم حتى فترة قريبة يفترضون أن العظام والعضلات تتكون في وقت واحد ولهذا السبب ولفترة طويلة من الزمن ادعى الناس أن هذه الآية تتعارض مع الحقائق العلمية ولكن الأبحاث الميكروسكوبية المتطورة التي أمكن إجراؤها بفضل التطور التقني كشفت أن الوحي القرآني صحيح تماماً.
هذه الأبحاث الميكروسكوبية أثبتت أن تطور الجنين داخل رحم الأم يتم كما وصفته آيات القرآن، فأولاً تتكون الأنسجة الغضروفية التي تتحول إلى عظام الجنين، ثم تكون بعدها خلايا العضلات التي تختار من بين الأنسجة التي تحيط بالعظام ثم تتجمع مع بعضها وتتكون لتلتف حول العظام.
والموضوع كله تشرحه نشرة علمية تحت عنوان تكون الإنسان كما يلي:
‘’خلال الأسبوع السابع يبدأ الهيكل العظمي بالانتشار في الجسم وتأخذ العظام شكلها المألوف، وفي نهاية الأسبوع السابع وخلال الأسبوع الثامن تأخذ العضلات وضعيتها حول أشكال العظام.’’ .17
وباختصار فإن وصف القرآن الكريم لمراحل تكون الجنين ينسجم انسجاماً كاملاً مع مكتشفات علم الأجنة الحديث.
المراحل الثلاثة لتكون الجنين في بطن الأم
لقد أشار القرآن إلى أن خلق الإنسان في الرحم يتم على ثلاث مراحل
{يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ } الزمر:6
وكما يرى فإن الآية تشير إلى أن الإنسان يتكون في رحم أمه من خلال ثلاث مراحل محددة. وبالفعل فقد كشف علم البيولوجيا الحديث أن مراحل تطور الجنين تتم في ثلاث مناطق محددة من رحم الأم. حيث نجد في كل كتب علم الأجنة التي تدرّس في اختصاصات الطب أن هذه المعلومات من أساسيات المعرفة في هذا المضمار. فعلى سبيل المثال في كتاب ‘’أساسيات علم الأجنة البشرية’’ وهو مرجع أساسي في هذا الحقل نقرأ ما يلي :
أن الحياة في الرحم تكون على ثلاث مراحل المرحلة الأولى وهي مرحلة ما قبل الجينية المرحلة الجنينية وتكون في الأسبوعين والنصف الأولى، ثم تليها مرحلة الحميل وتستمر حتى نهاية الأسبوع الثامن، ثم تأتي بعدها مرحلة الجنين التي تمتد من الأسبوع الثامن وحتى الولادة .18
المرحلة ما قبل الجنينية
في هذه المرحلة تكبر البويضة الملقحة عبر الانقسام، وعندما تصبح مجموعة من الخلايا تدفن نفسها في جدار الرحم حيث تستمر الخلايا في النمو وتنظم نفسها في ثلاث طبقات:
المرحلة الجنينية غير الناضجة ‘’ مرحلة الحمل.
المرحلة الثانية تستمر خمسة أسابيع ونصف وخلال هذه المرحلة التي يسمى فيها الطفل حميلاً تبدأ الأعضاء والأجهزة الأساسية بالظهور على شكل طبقات من الخلايا.
مرحلة الجنين
المرحلة الثالثة، هذه المرحلة تبدأ في الأسبوع الثامن من الحمل وتستمر حتى لحظة الولادة، ومن خصائصها المحددة أن الجنين يبدو وكأنه إنسان له وجه ويدان ورغم أنه لا يتعدى طوله ثلاثة سنتمترات وفيها تتميز كل أعضائه وتستمر هذه المرحلة حوالي الثلاثين أسبوعا حيث يستمر نمو الجنين حتى موعد الولادة.
هذه المعلومات حول تطور الجنين في رحم أمه لم تكن لتتوفر لولا وجود تقنيات المراقبة الحديثة. ومع ذلك فان القرآن كشف عنها بطريقة إعجازية في آياته تماما كما كشف عن حقائق علمية أخرى. وكون القرآن الكريم قد أعطى هذه المعلومات الدقيقة والمفصلة في وقت كانت المعلومات الطبية بين أيدي الناس نادرة دليل واضح على أن القرآن الكريم ليس كلام بشر بل هو كلام الله سبحانه وتعالى.